أُسْلُوبُ النَّداءِ للصف السادس الاعدادي

أُسْلُوبُ النَّداءِ للصف السادس الاعدادي

حينما نَعودُ إلى نص المُطالعة، ونَقفُ عِندَ الجُمل الآتية:
- يَا وَلَدُ ، قِفْ عَلَى سَاقٍ وَاحِدَةٍ. - يَا أَيَّتُها المَرْأةُ، قِفِي بِسُرعةٍ.
- أَي أَبَا عُثمانَ، عَمَّنَا الطَّيِّبَ صَبرًا.
- أمي، إنَّني لم أتَأَلَمْ كَثِيرًا مِنَ الصَّفعتين.
نَجِدُ أنَّها تشترك في أنَّ لها معنى خاصا وَهُو الدَّعوة إلى تَنبِيهِ الْمُخَاطَبِ، وَطَلب إقْبَالِه على المُتكلّم عبر أسلوب بعينهِ، يُعرَف بـ أسلوب النَّداءِ)، الَّذِي هُو أَحدُ أَسَالِيبِ الطلب.

وأُسلوبُ النّداءِ هُو خِطابٌ يُوجه إلى المُنادَى لِيُقْبِلَ على المُنادِي، أَو يُنْصِتَ وَيَنْتَبِهَ. وهذا الأسلوب يتكوَّنُ مِن رُكنين اثنين، هما: أداةُ النِّداءِ، وَالمُنادَى.

أدواتُ النداء:

أدواتُ النَّداء أربع، هي:
١ - (يا): وهي الأكثر استعمالًا وتَداوُلًا، وتُستعمَلُ لِمُناداة القريب والبعيد، كما في الجُملَةِ (يَا وَلَدْ، قِفْ عَلَى سَاقٍ وَاحِدَةٍ وَمِثْلُها قَولُه تَعالى: ( يَا مُوسَىٰ أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ ) (القصص: ۳۱) .

٢- الهمزة، وأي: وهما لِنّداءِ القَريب، كقول عبد المحسن الكاظمي أَبَعْدادُ أَبْشري وثقي بأنَّي 
                    بحبك سالك سُبُلَ التَّفَانِي 
ومِثلِ: أَيْ أَبَا عُثْمَانَ، عَمَّنَا الطَّيِّبَ صَبرًا.

٣- آيَا، وهيا : لنداء البَعِيدِ : مِثل قول سعدي الشيرازي:
أيَا نَاصِحي بالصبرٍ دَعْنِي وزَفْرَتي
                        أَمَوْضِعُ صبرٍ وَالكُبُودُ عَلَى الجَمْرِ؟
وقولنا: أَيَا مُسافِرًا عُدْ سَالِمًا، وَهَيَا مُسْرِعًا خَفِّفْ من أجل سلامتك.

الاسمُ المُنَادَى :

أمَّا الاسْمُ الَّذِي يَلي أداةَ النّداءِ، فَيُقْسِمُ عَلى قِسْمين: 
١- المُنادَى المبني: وَهَذَا القِسمُ يُبنى عَلَى مَا يُرْفَعُ بِهِ وَيَكُونُ فِي مَحلُّ نَصْبٍ منادى فَإِنْ كَانتْ عَلامة رفعه الصَّمَّةَ بُني عَليها ، وَإِنْ كَانَتْ عَلامة رفعه الألف بُني عَليها، وكذلك الحال في الواو ، وهو عَلى قِسمين اثنين :
الأول: العلمُ المُفرد، كما في قولنا: (يا خالدُ، قُلْ خَيرًا تَسلَّمْ). الثاني: النَّكرةُ المَقصودةُ: نَعني بذلك أَنَّ المُنادَى يَكُونُ شخصا بعينِهِ تُناديه بلفظ النَّكرة، كما في قولنا: (يَا رَجُلُ اتَّقِ اللهَ) وَأَنتَ تُخاطِبُ رَجُلًا مُعيَّنًا قَدْ تعرفُ اسْمَهُ وصفاته، وكذلك ما جاء في الجملة الواردة في النَّصّ: (يَا وَلَدُ ، قِفْ عَلى سَاقٍ وَاحِدَةٍ) فَالْجُندِيُّ يُنادي وَلدًا بِعِينِهِ دُونَ غَيْرِهِ، وَإِنْ كانَ بِلَفْظِ النَّكِرةِ. وَمِنْه قوله تَعَالَى: «يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ» (هود) : (٤٤)، فَالنَّداءُ لِبُقعةٍ مُحَدَّدةٍ مِنَ الأرض، وكذلك قوله تعالى: (قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ) (الأنبياء: ٦٩).

فائدة

العَلَمُ مِنْ نحو ( مُصطفى، ومُوسى، وعيسى وليلى، وهدى وغيرها يكونُ مَبْنِيًّا عَلَى الضمَّةِ المُقدَّرَةِ عَلَى الْأَلْفِ فِي مَحَلٌ نَصْبٍ.

فائدة

لفظ المُفرد في المُنادى العلمِ المُفْرِدِ لا تدُلُّ عَلى عَددِهِ، فَقَدْ يكونُ دَالَّا على الواحد، مثل: (يا عليُّ)، وقد يكونُ مُثَنَّى مِثْلُ: (يا حَسنانِ)، أو جَمعَ مُذكَّرٍ سَالِمًا، مِثْلُ: ( يا مُحمَّدون)، أو جَمعَ مُؤنَّتْ سَالِمًا، مِثْل: (يا فاطماتُ)، وَإِنَّما سُمّي مُفْردًا تَمييزا له مِنَ المُصَافِ والشَّبِيهِ بِالْمُصَافِ.

٢- المُنادَى المُعربُ : وهَذا القِسمُ مِنَ المُنادَى يكونُ منصوبًا، وهو على ثلاثة أقسام:
الأوَّل: النَّكرةُ غير المقصودة: وهو أنْ يكُونَ المُنادى نكرة حقيقيَّةً يُقصَدُ بِها العُموم، مثل: (يَا مُوَاطِنًا، حَافِظٌ عَلى النَّظَافَةِ)، فالنّداء مُوَجَّة لجميعِ المُوَاطِنِينَ، وَلَيسَ لِوَاحِدٍ بِعَيْنِه.

الثاني: المضاف: وهو أحد أنواع المعارف سواء أكان علمًا، مثل ( يَا عبدالله أَقْبِلُ أم غير علم كقولنا (يَا جُنُودَ العِراقِ أَنْتُم عِزُّ الوَطنِ)، وقوله تعالى: «قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ (يوسف: ۹۷)، تلاحظ أنَّ كلمة (جُنُود) مُضافةً إلى اسمٍ ظَاهِرٍ (العِرَاق)، فِي حِيْن أنَّ كَلمة (أب) مُضافةً إلى الضمير (نا). 

الثالث: الشَّبية بالمضاف: ويكون أحدَ المُشتَقَاتِ العاملة عمل الفعل، ممَّا له معمول مُتعلّق بها، مثل: (يا جميلًا فِعْلُه، بوركْتَ) و(يا مذموما ظلمه، ارعو)، (ويا ساعيًا للخير أبشر).

فائدة

المُضافُ أحد المعارفِ وهُو مُكوَّنٌ مِنْ جُزأين؛ أحدُهُما وَهُو الجُزْءُ الأَوَّلُ يُعربُ بِحسب موقعه مِنَ الإغراب، وَالآخَرُ وهُو الثَّانِي يَبْقَى مَجْرُورًا، كَما في قَولِنا (هَيَا نَاصِرَ الْحَقِّ انْهَضْ)، أَمَّا الشَّبيهُ بِالمُصَافِ فهو أيضا مُكَوَّنٌ مِنْ جُزْاين أوْ كَلِمَتينِ، وَلَكِنَّ الكلمةَ الأولى تَكُونُ أحدَ المُشتَقَاتِ العاملةِ عَمَل الفِعلِ، والثانية لا تَكُونُ مجرورةً، بَلْ مرفوعةً أو مَنْصُوبَةً؛ لأنَّها مَعْمُولٌ للمُشتق، مثل: (هَيَا نَاصِرًا الْحَقَّ الْهَضْ).

مِنْ خَصائص أسلوب النداء:

١ - قَدْ يُحذَفُ حرفُ النَّداءِ إِذا دل

عليه سياق الكلام : كما في قوله تعالى يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا. ( يُوسُف : ٢٩ ) . وكالجملة التي جاءت في نص المطالعة:
( أُمّي، إِنَّنِي لَمْ أَتَأَلَمْ كَثِيرًا مِنَ الصفعتين).

فائدة

إذا حُذف حرفُ النِّداءِ مع لفظ الجلالة عُوّض في آخرِه مِيمًا مُشدَّدةً مفتوحةً للتعظيم (اللهم)، وإعرابه: لفظ الجلالة مُنادى مبني على الضم في محلّ نَصْب، والميم عوض مِنْ حرفِ النّداءِ المحذوف، وهو حرفٌ مبني على الفتح لا محل لهُ مِنَ الإعْراب .


٢ - المُنادى المعرَّف بـ(ال) مِثْلُ جُملة: (يَا أَيَّتُها المَرْأةُ، قِفِي بسرعةٍ) الواردة في النَّصّ، التي تجِدُ أَنَّ الْمُنادَى فيها مُعَرَّفٌ بال) لايجوز نداوه بـ (يا) مباشرة؛ لذا جيء قبله بـ(أَيَّتُها) للتوصل إلى ندائه، ومثله في حال كان المُنادى مُذكَّرًا مُعرَّفًا بـ(ال) يُؤتَى بِأَيُّها) كَقَولِه تَعَالَى: « يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذُلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا» (الأحزاب: ٥٩). والمُنادَى في مثل هذهِ الحال لا تَسْبِقُه إِلَّا الأداةُ (يَا). أمَّا مِنْ حيثُ الإعراب فر أي، وأيَّة) تُعربانِ مُنادى مبنيًّا على الضم في محلّ نصب، والهاء للتنبيه لا محل لها من الإعراب، ويُعرَبُ الاسم المُعرَّفُ بـ(ال) بدلًا إذا كانَ جامدًا كما في (يَا أَيُّهَا الرَّجُلُ) أَمَّا إذا كانَ مُسْتَقًا فَيُعرَبُ نعيًّا، مِثْلُ: (يَا أَيُّها المُعَلِّمون بُورِكَتْ جُهُودُكم).

 فائدة

قَدْ يُؤتَى بِاسْمِ الإشارة قَبْلَ المُنادَى المُعرَّف بـ(ال) ويُعربُ المُنادى بَدلًا مِثل يَا هَذا الرَّجُلُ، ويَا هَذِهِ المَرْأةُ، وَيَا هَذَانِ الرَّجُلانِ، وَيَا هَاتَانِ المَرْأَتَانِ، يَا هَوْلاءِ الرِّجالُ.

فائدة

الأسماء الموصولة مثل: (الَّذي والتي، واللذان، والتان، والَّذِين، واللائي مِنَ المُنادَى المُعرَّفِ بـ(ال).

فائدة

تدخُلُ (يَا) على لفظ الجلالة (الله) مُباشرةً، فنقولُ (يَا الله) مِنْ دُونِ الحاجة إلى فاصل.


٣- كَلِمتا (أب) وَ(أُمَ) عِندَ إضافتِهما إلى ياءِ المُتَكَلِّمِ جَازَ فِيهِمَا مَا يَأْتِي: 
أ- إبقاءُ يَاءِ الْمُتَكَلِّمِ، وَيَكُونُ إعرابه منادى منصوبًا، وعلامة نصبه الفتحة المقدرة لانشغال المحل بالحركة المناسبة لياء المُتَكَلّم وهي الكسرة، وياءُ المُتَكَلِّمِ ضميرٌ متصل مبني في محلّ جرّ بالإضافة، مثل (أبي، أمي). ياءِ المُتَكَلِّمِ، والتَّعويض مِنْها تَاءً مَبنيَّةً عَلى الكَسْرِ : يا أبتِ، ويا أُمتِ، ويُعْرِبُ منادى مُضافًا مَنْصُوبًا، وَعَلامةُ نَصْبِه الفَتْحةُ المُقدَّرَةُ عَلَى مَا قَبلَ يَاءِ المُتَكَلِّمِ، وَكُسِرَتِ النَّاءُ لتدل على الياء المحذوفة، والتّاءُ لا محل لها مِنَ الإعراب. 

٤- يرتبط بأسلوب النّداءِ أسلوب عربي يُسمَّى التَّرخِيم
والتَّرخيمُ هُو حَدْفُ الحَرفِ الأخيرِ مِنَ الاسم المنادى، مثل:
(فَاطِمَة فَاطِم، عَائِشَة عَائِشَ، عَبْلَة عَبْل مَاوِيَّة - ماوي ، حَارِتْ حَارٍ ، جَعْفَرٍ- جَعْفَ ، مَالِك - مال وغيرها)، ويكون إمَّا مَبْنيًّا على الضَّمِّ فِي مَحلَّ نَصْبٍ يا فاطم)، أَوْ تبقى حركة الحرف الذي قبل الحرفِ المحذوف، مثل (فاطمة- فاطم)، و(مالك. مال)، ويُبْنَى على الضَّمِّ المقدر على الحرف المحذوف للترخيم.

فائدة

يكثر ترخيمُ كلمة (صَاحِب)؛ ولا سيما في الشعر العربي للتخفيف فيُقال (صاح) ويكونُ مُنادى مُرخَّمًا مَبْنيًّا على الكسر.