أسلوب التوكيد للصف السادس الاعدادي

أسلوب التوكيد للصف السادس الاعدادي


لو عُدتَ إلى نص المطالعة وأنعمتَ النَّظر في الجمل الآتية:
  1. لولا المطر لماتت النَّباتاتُ جَمِيعُها.
  2. الَّذِي يعتمدُ فِي غِذَائِهِ عَلى هَذَينِ المَصْدرِينِ بِأَعْيُنِهما.
  3. على الرَّغْمِ مِنْ أنَّ عواملها نفسها كامنةٌ فِي التُربة.
  4. مُشكّلةً بِذلِكَ خُطُورَةً عَلَى الحَياةِ المائيةِ عَامَّتِها.
  5. الأمطار نفسها قَدْ تَكونُ صَارَةً أيضًا.
  6. الشعراء الجاهليونَ أعْيُنُهم.
  7. أَنَّ النَّاسَ كُلَّهُم فِي مِثْلِ حَالِهِ.
  8. نما لديهم عِلْمٌ كَثِيرٌ كَثِيرٌ عَنْهُ. 
لوجدْتَ أَنَّكَ قَدْ تَعَرَّفْتَ إلى جُمَلٍ مُشابِهةٍ في الصُّفُوفِ السَّابقة؛ إِذْ دَرَسْتَ فِي الصَّفِّينِ الثَّالِثِ المتوسط، والخامس الإعدادي التوكيد بوصفه أحدَ التَّوابع في اللغة العربية، في حِيْن أَنَّكَ دَرَسْتَ مَوْضوع توكيدِ الفِعْلِ) في الصف الرابع الإعدادي. وهنا ستتعرف إلى التوكيد بوصفه أسلوبًا مِنْ أساليب اللغة العربية.
والتوكيد: أسلوبٌ يُرادُ بِه تَقوية الكلام، ورفعُ الشَّكِ عَنْ ذِهْنِ الْمُخَاطَبِ. وهذا الأسلوب يكونُ على أنواع كثيرة، ستتعرف هنا إلى أهمها:

أولا. التوكيد اللفظي

هُو أحد أنواعِ التَّوابع؛ ويكونُ إعرابه إعراب ما يؤكّده. ويكونُ بِتَكرار ما يُرادُ توكيده، وَهُو عَلَى أَقْسامٍ ثلاثة: 

أ- توكيد الكلمة: مثل الجملة الواردة في نص المطالعة: (نَما لديهم عِلْمٌ كَثِيرٌ كَثِيرٌ عنه، وكقول الإمام علي (عليه السَّلام) (العَمَلَ العَمَلَ ثُمَّ النِّهَايَةَ النِّهَايَةَ، وَالاسْتِقَامَةَ الاسْتِقَامَةَ، ثُمَّ الصَّبْرَ الصَّبْرَ ، وَالوَرَعَ الوَرَعَ، إِنَّ لَكُمْ نِهَايَةً فَانْتَهُو إلى نِهَايَتِكُمْ). والكلمة المؤكَّدةُ قَدْ تكون اسمًا كما في المثالينِ السَّابقين او فعلا مثل، تكرار الفعلين الماضي، والمضارع دون فاعلهما، مِثْل : ( فَازَ فَازَ المُثَابِرُ). 
ومن توكيد الكلمة توكيدًا لفظيًّا تَكرارُ الحَرفِ مِثْلُ: ( لَا لَا أُفْشِي لَكَ سِرًّا).

فائدة

إِذَا كَانَ الْحَرْفُ المُرادُ تَوْكِيدُه حرف جر وجب إعادته مع الاسم المجرور، والكلمة المؤكَّدةُ قَدْ تكون اسمًا فَنَقُوْلُ: (فِي الْحَيَاةِ فِي الْحَيَاةِ نِعَمُ لَا كما في المثالينِ السَّابقين، أو فِعْلًا مِثْل تُحْصَى).


ب- توكيدُ الجُمْلة: يكون بتكرار الجُمْلة بمُتعلقاتِها كَتوكيد الفِعْل الماضي والمُضارع مَعَ الفَاعِلِ، كقوله تعالى:  اذ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ» (يوسف: ٤)، ومِثْل : ( فَازَ المُجَدُّ فَازَ المُجَدُّ) و (يَنْتَصِرُ الحَقُّ يَنْتَصِرُ الحَقُّ، سَواء أكانتْ هَذِهِ الجُمْلَةُ فِعليَّةً كَمَا فِي المثالينِ السَّابِقَينِ، أم كانتْ جُمْلةً اسميَّةً كَما في قوله تعالى: «فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا، إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا» (الشرح: ٥-٦).

فائدة

فعل الأمر لا يكون توكيدُه تَوكيدًا لفظيًّا إِلَّا مِنْ بابِ توكيدِ الجُملةِ، مِثْلُ: (ادْعُ ادْعُ إلى الصَّلاحِ)؛ لأنَّ فاعِلَه إمَّا ضمير مستتر فيه، أو متّصل به.

ج- مِنَ التَّوكيد اللفظي توكيدُ الصَّميرِ: ويكونُ عَلَى ثلاثة أنواع:
۱- توكيدُ الضَّمير المستتر بالضَّمِيرِ المُنفصلِ : كَقوله تعالى: «وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ (البقرة: (۳۵) فالضَّميرُ (أَنْتَ) جاءَ توكيدًا للضمِيرِ المُستتر في الفِعْلِ (اسْكُنْ).

۲ - توكيدُ الصَّميرِ المُتصل بالضَّمِيرِ المُنفصلِ: مَثْلُ: (نَظَمْتُ أَنَا هَذِهِ القَصِيْدَةَ).

٣- توكيدُ الضَّمير المنفصل بالضَّميرِ المنفصل: مِثْلُ: (نَحْنُ نَحْنُ مَنْ دَحَرَ الإِرْهَابَ).

ثانيا : التوكيد المعنوي

يكونُ التَّوكيد المعنوي بذكرٍ أَلفاظ بِعينها، لِكُلٍّ مِنْها شُرُوطه وَدلالته، وهُو مِنَ التَّوابع كالتوكيد اللفظي؛ أَي إِنَّ هَذه الألفاظ تُعرَبُ إعراب المؤكَّدِ، وَهَذِهِ الأَلفاظ، هي:

١ - كلا وكلتا

لفظانِ يُرادُ بِهِما إزالةُ الشَّكْ عَنِ المُثنَّى ، ويُضافانِ إلى ضميره، ويُعربان إعراب المُثنَّى بِالألْفِ رفعًا وبالياء نصبا وجرا ، وكقولنا: (الجَيْشُ العِرَاقِيُّ وَالْحَشْدُ كِلاهُمَا يَدُ العِراقِ الضَّارِبَةُ لِلإرْهَاب)، و (العِفَّةُ والحَياءُ كِلتَاهُما مِنْ شُعَبِ الْإِيمَانِ). فَإِنْ أُضِيْفًا إِلَى اسْمٍ ظَاهِرٍ لم يكُوْنا توكيدًا، وأُعْرِبا بالحركاتِ المُقَدَّرَةِ عَلَى الْأَلْفِ مِثْلُ: (كلا المُتَنَافِسَيْنِ اجتهد لِلْفَوْز).

۲ - نَفْسٌ وَعَيْنٌ:

وهما لفظان يُستعملان لرفع التوهُم عَنِ الذَّاتِ، وتجبُ إضافَتُهما إلى ضمير يعودُ على المؤكَّدِ، مِثْلُ: (عَلَى الرَّغْمِ مِنْ أَنَّ عَوامِلَها نَفسَها كامنةٌ فِي التُربةِ)، الأمطار نفسها قَدْ تكون ضارةً أيضًا.. 
فإنْ أُريد توكيدُ المُثنَّى، أو الجمع جُمِعَا على وزن (أَفْعُل) (أَنْفُس، وأَعْيُن)، ثُمَّ أُضيفا إلى ضمير يُناسب المؤكَّدَ مِثْلُ: إِنَّ التَّسَامُحَ، وَالتَّعَايُش السِّلْمِيَّ أَعْيُنَهُما مِنْ ا، وَمِثال الجمع الجُملةُ الواردة في نص المطالعة: (فالشُّعراء لجاهئیوں سیهم كانوا ينظرُونَ إِلى المَطْرِ النَّازِلِ مِنَ السَّمَاءِ بِإِكْبَارٍ وَتَقْدِيسِ).

فائدة

(نَفْسٌ وَعَيْنٌ) قَدْ تُجرَانِ بحرفِ الجِرِّ الزَّائِدِ  (الباء)، وتكونان مجرورتين لفظًا بحرف الجرِّ الزَّائِدِ مِثْلُ (الَّذي يعتمدُ فِي غِذَائِهِ
عَلَى هَذَينِ المَصْدرينِ بِأَعْيُنِهما).

٣- كل وعامة، وجميع ، واجمع ، وأجمعون

هَذِه الألفاظ تُفيدُ العُموم والشمول، ويجبُ فِي ( كُلّ ، وجميع، وعامة أنْ تُضافَ إلى ضمير يعودُ عَلى المؤكَّدِ، ويُطابقه مِنْ حَيْثُ العددُ ، مِثْلُ الجُمل الواردة في نص المطالعة: مُشكّلة) بِذلِكَ خُطُورةً عَلَى الحياة المائية عَامَّتِها)، و (لولا المطرُ لماتتِ النَّباتاتُ جَمِيْعُها)، (فظنَّ أَنَّ النَّاسَ كُلَّهُم فِي مِثْلِ حَالِهِ).
أَمَّا أَجْمَع ، جَمْعَاء أَجْمَعُون)، فـ(أجمع)، مثل قولنا: (عاد الجيش أجمع)، و(جمعاء)، مثل قولنا: (عادت فرقُنا الرِّياضيَّةُ فائزةً جمعاء)، و(أجمعون) تُعامل المذكر السالم رفعًا ونصبا وجرا، مِنْ ذلك قوله تعالى: « وَلَأُصَلْبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ» (الشعراء: (٤٩)، فأجمعين) توكيدٌ للمفعول به المنصوب، وهو الضمير (الكاف). وقَدْ يُراد تقويةُ التَّوكِيدِ فيُؤتَى بـ (كُلّ) مَثْلوة بأحدِ الثَّلاثة السابقة، كما في قوله تعالى: «فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ) (الحجر: (٣٠). ومن المؤكّدات التي تفيدُ الشمول: (جميعًا، قاطبةً، كَافَّةً). 

ثالثا: التوكيد بالحرف

هناك حُروفٌ في العربيَّة تُفيدُ التَّوكيد، هي:

۱ - (إِنَّ) و(أن):

 وهَذَانِ الحرفانِ مِنَ الْأَحْرُفِ المشبَّهةِ بالفِعْلِ الَّتي تدخلُ عَلَى الجُملة الاسميَّةِ، فَتَنْصِبُ المبتدأ اسمًا لها، وترفعُ الخبر خبرًا لها، وهما يُفيدان التَّوكِيدَ، كَقولنا: (إِنَّ الْحِفَاظَ عَلَى بِيْنَةٍ نَظِيْفَةٍ دَلِيْلٌ عَلى الوَعْيِ وَالرُّقِي)، وَ إِنَّ التَّنَمُرَ عَلَى الْآخَرِيْنَ يُنْبِئ عنْ ضَعْفِكَ أَنْتَ). وأَمَّا (أَنَّ)، فَمِثْلُ الجُملتَينِ الواردتَينِ في نص المطالعة: (نجِدُ أنَّ الحَضَارَاتِ القَدِيْمَةَ كَانَتْ مُستقرةً قُرْبَ الأَنْهَارِ) ، و ( عَلَى الرَّغْمِ مِنْ أَنَّ عَوَامِلَهَا نَفْسَهَا كَامِنَةٌ فِي التُربَةِ).

۲ - لام التوكيد

وَهِي لامٌ مفتوحةٌ غَيرُ عاملةٍ يُؤتَى بِهَا لَتُؤكَّدَ مَا يَأْتي: 

أ- المبتدأ، مثل قول الإمام علي (عليه السَّلامُ): (سَلوني قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِي، فَلَأَنَا بِطْرُقِ السَّمَاءِ أَعْلَمُ مِنِّي بِطْرُقِ الأَرْضِ)، وكقولنا: (لكلمة طيبة خيرٌ من صدقة).
 
ب- اسم (إنَّ) المؤخَّرُ عَنِ الخبر كالجُملة الواردة في نص المطالعة: (فَإِنَّ لِلأَمْطَارِ لَأُ هَمِّيَّةً مُوَازِيةً).

ج- خبر (إنَّ)، وتُسمَّى في هذه الحالِ اللام المُزَحْلَقة)، كَقِوْلِ الْإِمَامِ عَلَيَّ ( عَليه السَّلَامُ): (إِنَّ العَافِيَةَ فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا لَنِعْمَةٌ جَلِيلَةٌ وَمَوْهِبَةٌ جَزِيلَةٌ)، وَكَالجُملة الواردة في نص المطالعة: (إِنَّ المَطَرَ لَيَعْمَلُ أَيْضًا عَلَى تَثْبِيْتِ التُّرْبَةِ).

فائدة

تدخل اللامُ المُوَطَّنَة للقسم على (قَدْ) زيادةً في التَّوكِيدِ (لَقَدْ)، وَتُفِيدُ التَّحقيق الَّذي هو قريبٌ مِنَ التَّوكيد في المعنی، مثل قوله تعالى «لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ» (الممتحنة: ٦).



٣-(قَدْ)
حرفُ تَوَكَّيدٍ إِذَا دخلتْ عَلى الفِعلِ الماضي، مِثْلُ الجُملة الواردة في نص المطالعة: (قَدْ أَكْثرَ العَرَبُ مِنْ ذِكْرِ المَطْرِ فِي أَمْثَالِهِم)، وَمِثْلِهِ قَولُ الشَّاعِرِ محمد رضا الشبيبي
قد افصحت عَنْ هَوَانَا كُلُّ سَاجِعَةٍ 
             حَتَّى الحَمَامَةُ بَاتَتْ ذَاتَ إِفْصَاحِ

٤- تونا التوكيد:

هُما حرفانِ لا محلَّ لَهُما مِنَ الإعْرَابِ ، إحداهما مُضعَّفَةٌ، وتُسمَّى نونَ التَّوكِيدِ الثَّقِيلَةَ (ن)، والأخرى ساكنة، وتُسمَّى نونَ التَّوكيد الخفيفة (نْ). تدخُلانَ عَلَى فِعْلِ الأُمرِ، والفِعْلِ المُضارع، على النحو الآتي:
أ- يجوز توكيدُ فِعْلِ الأمر بنوني التَّوكيدِ مِن دونِ قَيْدٍ أو شَرْطٍ، وَيُبْنَى مَعَهُما عَلَى الفتح، فنقولُ: ابْتَعِدَنُ مِنَ الكَذِبِ فَهُوَ أَصْلُ السُّرورِ) ، أو (ابْتَعِدُ).


ب- تدخل نونا التوكيد على الفِعْلِ المُضارع وجوبًا، وجوازا، وقَدْ يمتنعُ دُخُولها عليه، وعِنْدَ دُخولِ إحداهما على الفعل المضارع يُبْنَى عَلى الفَتْحِ أَمَّا وُجُوبُ دُخُولِهما عَليه فيجب توكيدُ الفعل المضارع بإحدى نوني التوكيد، إذا كانَ مُثْبَتًا، دالا على الاستقبالِ، مُقترنًا بلامِ التَّوكيد غير مفصول عنها بفاصل، جوابًا لقسم ظاهر كقوله تعالى: «تَاللَّهِ لَأكِيدَنَّ أَصْنَامَكُم بَعْدَ أن تُوَلُّوا مُدْبِرِين» (الأنبياء:٥٧)، 
أو مقدرٍ ، كقولِ الشَّرِيفِ الرَّضِيِّ:
 لأَشْكُرَنَّكَ مَا نَاحَتْ مُطَوَّقَةٌ 
                   وَإِنْ عَجَزْتُ عَنِ الْحَقِّ الَّذِي وَجَبَا
فإِنْ اختل أيُّ شرط من شروط الوجوب، كأن يُفْصَلَ بين الفعل، ولامِ القَسَمِ بفاصل، مِثْلُ: (السَّين) وسوف)، ( واللهِ لَسَوْفَ أَدْرُسُ بِجِدٌ، أَوْ لَمْ يكنْ دالَّا عَلى الاستقبالِ، مَثْلُ: (والله لأرسلُ الرَّسالة الآن)، أو مَنْفِيًّا، مِثْلُ: (واللهِ لا أَنْصُرُ بَاطِلًا عَلَى حَقٌّ امتنعَ توكيده بالنُّونِ.

فِي حِيْن أنَّ توكيدَ الفعل المضارع بنوني التوكيد جوازًا، يكون في الأحوال الآتية: 
١ - إذا كان مسبوقاً بـ(إنْ) الشَّرطيَّة المُدَغَمَة بـ(ما) الزَّائدة، كقوله تعالى: «وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ» (الأعراف: ٢٠٠).

۲- إذا كان مسبوقًا بإحدى أدواتِ الطَّلَبِ، مِثْلُ: لام الأمر: (لَتَحْذُرَنَّ البَاطِلَ فَهُو مَهْلَكَةٌ لك)، و (لا) النَّاهية، كقوله تعالى وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غُفِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّلِمُونَ» (إبراهيم: (٤٢) ، والاستفهام، مِثْلُ: أَتَسْعيَنَّ إلى العِلْمِ بِجِدٌ؟ والعرضُ مِثْلُ: ( ألا تَصلَنُ أَرْحَامَكَ)، والتَّحضيض، مِثْلُ: ( هلا تَبُرَّنَّ والدَيْكَ)، والتَّمني، مِثْلُ: (لَيْتَ المَحَبَّةَ تَعْمَّنَّ الكَوْنَ)، والتَّرجِي، مِثْلُ: (لعلَّ الحَقَّ بِنْتَصَرَنَّ).
فإذا لم يقع في أحد المواضعِ السَّابِقَةِ امْتَنعَ توكيده.
والفعلُ المُضارعُ يُبْنَى عَلى الفَتْحِ إِذَا اتَّصلَتْ به إحدى نوني التَّوكِيدِ، إِذا لَمْ يُفْصَلْ بينهما بِفاصِلٍ، فإنْ فُصِلَ عنها أغرب، والفاصل هو أحد ثلاثة، إمَّا أَلفُ الاثنين، أوْ واو الجماعةِ، أَوْ ياءُ المُخَاطَبَةِ، حِيْنما يكونُ مِنَ الأفعال الخمسة، مِثْلُ: ( هلا تقولان الحق)، (لعلَّ المُجْتَهِدُوْنَ يَنَالُنَّ مَا يَسْتَحِقُوْنَ)، و( هلا تسعِنَّ إلى الخير). والفعلُ المُضارع (تقولان) في الجُملةِ الأولى مرفوع وعلامة رفعه ثبوت النُّونِ المحذوفة لتوالي الأمثالِ، والفَاعِلُ الفُ (الاثنين)، وكذلك الفعلُ (يَنَالُنَّ) والفعلُ (تسعِنَّ) غَيْرَ أَنَّ الْأَوَّلَ فَاعِلُه واو الجماعة المحذوفة التي عُوّض مِنها ضَمَّةٌ قبل نونِ التَّوكِيدِ، والثاني فاعله ياءُ المخاطبة المحذوفةُ الَّتي عُوِّض مِنها كسرة قبل نونِ التَّوكيد.

رابعا : التوكيد بالحرف الزائد

١- الباء: ويأتي هذا الحرفُ زائدًا للتوكيد في سياق النفي مَعَ خبر (ليس)، كقوله تعالى: «لَسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ» (الغاشية (۲۲)، وخبر (ما) الحجازية، كالآية الواردة في نص المطالعة: « مَا أَنتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ (الحجر: ۲۲)، فضلًا عَنْ أَنَّهَا تُزادُ للتوكيد أيضا في نَفْس وعَيْن كَمَا مرَّ بِكَ سابقًا فِي التَّوكيد المعنوي.

٢- مِنْ: تزادُ للتوكيد قبل النكرة، على أنْ تُسبق بأحدٍ ثلاثة أشياء: النَّفْيُ: كقولنا: (مَا مِنْ عملٍ يَذْهَبُ سُدًى)، أو الاستفهام هَلْ تَجِدُ مِنْ تقصير؟، أو النَّهي، كقولنا: ( لا تهدر من مالٍ قد ينفعك).

٣-ما : تكون زائدةً إذا جاءَتْ بَعْدَ (إذَا)، كقول عنترة بن شدادٍ: إِذَا مَا مَشَوا فِي السَّابِعَاتِ حَسِبْتهم سيُوْلًا وَقَدْ جَاشَتْ بِهِنَّ الْأَباطِحُ

٤- إنْ : تكون زائدة للتوكيدِ بَعْدَ (ما) مثل (ما إنْ أهمل المجتهد درسه)، وكقول أبي فراس الحمداني:
وما إِنْ شِبْتُ مِنْ كبرٍ
   وَلَكِنْ رأيتُ مِنَ الأحِبَّةِ ما أَشَابَا

٥- الكاف: لا يكون حرفًا زائدًا إلا إذَا دَخَلَ عَلى كَلمة (مِثْل)، كالجُملتَينِ الواردئين في نَصَّ المُطالعة: (كَمِثْلِ ظَاهرة المطر (الحِمْضِي) و(يَنْثَالُ كَمِثْلِ اللُّوْلَوْ مِنَ السَّمَاءِ).

٦- لا : يُشتَرَطُ فِيهَا لِتَكون زائدة أن تقع في سياق نفي أو نهي، وأنْ تُسْبقَ بِالواو العاطفة، كقوله تعالى: «لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا» (الواقعة: ٢٥)، وكالجملة الواردة في نص المطالعة: (فَلا نَباتَ يُوَكَّلُ، وَلا حيوانًا).

خامسا : التوكيد بالقصر

القصر في العربيَّة يعني تخصيص أمر بأمر آخر، وله طرائق، منها:

1 - القصر بالنفي والاستثناء:

وهو ما يُعْرَفُ بالاستثناءِ المُفرَّغ: كقولنا : ( ما العراقُ إلا مُنتصِرٌ)، و(ما مُنتصِرٌ إلا العراق).

لاحظ أنَّنا في الجملة الأولى قصَرْنَا العراق على النَّصرِ، ونفينا ألَّا يكون كذلك فأكَّدنا أنَّه مُنتَصِرٌ، فِي حِيْن أَنَّنا في الجملة الثَّانِيَةِ قَصَرْنَا النَّصَرَ عَلَى العراق فليس من منتصر غيره وهذا يعني أنَّ ما نُرِيدُ تأكيده يأتي بين أداة النَّفي و(إِلَّا). قال تعالى: «إِنْ حِسَابُهُمْ إِلَّا عَلَى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ» (الشُّعراء: ۱۱۳). 
ومنه قول الشاعر:
وليس يزيلُ الضَّيمَ إِلَّا أُبَاتُه
            ويرحَضْ عَارَ الذُّلَ إِلَّا المُناضِلُ

فائدة

ما بَعْدَ (إلَّا) في الاستثناءِ  المفرَّغ يُعرَبُ بحسب موقعه مِنَ الإعراب كقوله تعالى: «وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ العراق، فليس مِنْ مُنتصِرٍ . مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ» (آل عمران: ١٤٤)؛ إذ يُعرَبُ رَسُول خَبَرًا للمبتدأ (مُحَمَّد).

٢ - القصر بـ (إنما):

كقوله تعالى: « إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلٍّ قَوْمٍ هَادٍ» (الرعد: ٧) ، إِذْ قُصِرَ عمله على الإنذار. ومنه قول عمر بن عبد العزيز (رضي الله عنه): «إنما الدنيا حلم، والآخرة يقظة».

سادسا : التوكيد بالتَّعتِ بالعددين (١-٢)

مثل قولنا: ( ضَرَبْنَا الإِرْهَابَ ضَرْبَةً وَاحِدَةً)، وقولنا: (قرأتُ كتابين اثنين في البلاغة)، و( أرسلت رسالتين اثنتين).

سابعا : التوكيد بالمصدر (المفعول المطلق)

ويكون المصدرُ مؤكَّدًا لفعله إذَا وَقَعَ مَفْعولًا مُطْلَقًا مِنْ دُوْنِ أَنْ يُوصَفَ، أو يُضافَ، أو أن يكون دالا على عددٍ، كقوله تعالى: وَكَلَّمَ الله موسَى تَكْلِيماً» (النِّسَاء: ١٦٤). وكالجملة الواردة في نص المطالعة: وقد تَتَبَّعَ الشُّعراء نزول المطر تتبعًا.