لا النافية للجنس

لا النافية للجنس

حرفُ نَفي تدخل على الجمل الاسميَّة فَقَط، وسُمِّيت نافية للجِنْسِ؛ لأَنَّهَا تَنْفِي الحكم عن جِنْسِ اسمها نفيًا مُطلَقًا، لا احتمال فيه، كقولنا: (لا) طالب في الصَّفٌ)، فالنَّفْي هنا صريح ينصب على كُلِّ فردٍ مِنْ جِنْسِ الطَّلبة. وتعملُ (لا) النَّافِيةُ للجنسِ عَمَل (إنَّ)، فتنصب المبتدأ اسمًا لها وترفعُ الخبر خبرًا لها، 

ويُشْتَرِطُ لِعملِها شَرْطَانٍ

أ- أن يكونَ اسمُها نكرة، كقوله تعالى: ( لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ) (هود:٤٣)، فَإِنْ كان معرفة أُهْمِلَتْ ، وَلَمْ تعملْ وَوَجَبَ تكرارها، كقول إبراهيم ناجي لا القومُ رَاحُوا بِأَخْبَارٍ وَلَا جَاؤُوا ولَا لِقَلْبِكَ عَنْ لَيلَاكَ أَنْبَاءُ 

ب- عدم وجود فاصل بينها وبين اسمها، فإنْ وُجِدَ فاصل أُهْمِلَتْ، ولم تعملْ، وَوَجَبَ تكرارها، كقولنا: (لا لِمُهمل نجاح ولا توفيق، ومِنْهُ قولُهُ تَعَالَى: (لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ) (الصافات: ٤٧) ، جَاءَتْ (لا) الأولى في المثالينِ نافيةً مُهْمَلَةً لوجودِ فاصل بينها وبين اسمها وهو الخبرُ (لِمُهمل) و (فِيهَا). 

ويأتي اسمُ (لا) النَّافِيةِ للجِنْسِ عَلى وَجْهَينِ: (مُعْرَبٌ) و (مبني). 


الأول:
يكون اسمها معربًا منصوبًا إذا كانَ مُضافًا، كقولنا: (لا قاطِعَ رَحِمٍ محمود) وقول الأخطل لَعَمْرِي لَقَدْ أَسْرَيْتُ لَا لَيْلَ عَاجِرٍ بساهِمَةِ الْعَينَينِ طَاوِيَةِ القُرْبِ فيُعربُ (قاطِعَ) و(لَيْلَ) اسم (لا) النَّافية للجِئْسِ منصوبًا؛ لأنَّه مُضاف. أو شبيها بالمضاف، وهو الاسم المشتقُ اسم فاعل أو اسم مفعول أو صفةٌ مُشَبَّهَةٌ)، الذي يأتي بعدَهُ ما يُتمّمُ مَعْنَاه، كَمَا يُتمّمُ المضاف إليه معنى المضافِ، لذلكَ سُمّي شبيها بالمضاف، كقولنا: (لا) قاطعًا رَحِمًا محمود)، وقول أبي تمام قَدْ كَانَ يَعلَمُ إِذْ لاقَى الْحِمَامَ ضُحًى لا طالبًا وَزَرًا مِنْهُ وَلَا وَحَجَا

فيُعربُ (قاطعًا) و (طالبًا) اسمي (لا) النَّافية للجِنْسِ منصوبَينِ؛ لأَنَّهما مُشْتَقَانِ عامِلانِ نَصَبا مفعولا به تمَّمَ مَعْنَيَيْهما وهو (رَحِمًا) و (وَزَرًا).
وَلو دقَّقْتَ النَّظَرَ - عزيزي الطَّالب - في اسم (لا) النَّافية للجِنْسِ في الجملتين: (لا قاطِعَ رَحِمٍ محمود) و (لا قاطعًا رَحِمًا محمودٌ)، لتبيَّنَ لَكَ الْفَرْقُ واضحًا، فهو في الأُولى مُضافٌ إلى ما تمَّمَ معناه وهو المضافُ إليه (رَحِم)؛ لذا لم يُنوَّنُ، وَفِي الثَّانِيةِ شبية بالمضاف نصبَ ما تمَّمَ مَعْنَاه وهو (رَحِمًا) ؛ لذلكَ لَحِقَهُ التَّنوينُ.

الثَّاني: 
يكون اسمها مبنيًّا على ما يُنْصَبُ بِهِ وهي (الفتحةُ إِذا كَانَ مُفْرَدًا أو جَمْعَ تكسير، والياء إذا كانَ مُثَنَّى أو جمع مُذَكَّر سالمًا، والكسرةُ إِذا كَانَ جمع مؤنَّثٍ سالمًا)، إذا كانَ مُفْرَدًا (لا) مُضافا) ولا شبيها بالمضاف)، كقولنا: (لا طالب مُهْمِلٌ) و (لا طُلابَ مُهْمِلُونَ) و (لا طَالِبَينِ مُهْمِلانِ) و (لا) مُهْمِلِينَ في المدرسة) و (لا) مُهْمِلاتِ في المدرسة).

فاسمُ (لا) النَّافية للجِنْسِ في هذه الأمثلة مبني على ما نُصِبَ به في محلّ نصب؛ لأنَّه مُفردٌ لا مُضافٌ ولا شبية بالمضاف. ومِنْهُ قول الإمام علي ( عليه السَّلام) في وَصْفِ ِاللهِ سُبحانه وتعالى: «سَبَقَ فِي العُلُو فَلَا شَيْءَ أَعْلَى مِنْهُ، وقَرُبَ فِي الدُّنُو فَلا شَيْءَ أَقْرَبُ مِنْهُ». فـ (لا) نافية للجِنْسِ، و (شيء) اسمها مبني على الفتح في محلّ نصب، و(أعْلَى) و (أَقْرَبُ) خبرها مرفوع. وقولُ المُهَلِّهِلِ بن ربيعة: كُلَيْبُ لا خَيرَ فِي الدُّنْيَا وَمَنْ فِيْهَا إِنْ أَنْتَ خَلَّيتَها فِي مَنْ يُخَلَّيْهَا

أَمَّا خَبِرُ (لا) النَّافِيةِ للجِنْسِ فحكمُهُ الرَّفعُ، ويجوز حذفه بشرط أنْ يكونَ معلومًا، لا يُسبِّبُ حذفهُ لَبْسًا أو غموضًا، كقوله تعالى: (لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ) (الزمر: ٦) ، فخبرُ (لا) محذوف جوازا تقديرُهُ (موجود).

وقد كَثُرَ حذف خبرها في كلامِ العَرَب؛ لأنَّه معلومٌ عند السَّامع، مثل: (لا بُدَّ)، و (لاضير)، و لا جدال و لا شك ولا رَيْبَ)... وغيرها

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-