اسلوب التقديم والتأخير :تقديم الخبر على المبتدا

اسلوب التقديم والتأخير : تقديم الخبر على المبتدا

الأصل في المبتدأ أنْ يأتي أولا ثم يُعْقِبَه الخبرُ كان الحكم الجواز في التقديم ثانيًا، ولكنَّ الخبر أحيانًا يُقدَّمُ على المبتدأ لسبب معنوي، ومرة يكون تقديمُ الخبر جائزًا كما في قولنا: (النَّجَاحُ لِلْمُتَقَائِلِينَ)، فيمكنُ أنْ يُقدَّمَ الخبرُ فنقول: (لِلْمُتَقَائِلِينَ النَّجَاحُ) لمعنى من المعاني، ولكنَّ الخبر في مواضع يُقدَّمُ على المبتدأ وجوبا، وهي:

 ١- إذا اتصل بالمبتدأ المؤخر ضمير يعودُ على بعض الخبر المقدم،

 فإذا رجعت الى نص المطالعة وجدت العبارة (لِلأَمَلِ حُضُورة)، فالمبتدأ (حُضُورُهُ) اتَّصل به ضمير وهو (الهاء) يعودُ على بعض الخبر المقدَّم (للأمل)، وهنا لا يجوز أن نقدم المبتدأ (حضوره) على الخبر، فنقول: (حُضُورُهُ لِلأَمَلِ)؛ لأنهُ غِيرُ جَائزٍ أَنْ يعودَ الضمير الى متأخر لفظا ورتبة، فأنت من حيث اللفظ ستعيدُ الضمير الى متأخر وهو (للأمل)، ومن حيث
الرتبةُ فَإِنَّ الخبر يأتي بعد المبتدأ وهذا غيرُ جائز ، نظير هذا المثال الامثلة الآتية: قال تعالى: «أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا» (محمد: ٢٤)
وقولنا: (فِي الْفَضِيَّلَةِ ثَوَابُهَا)،
و (فِي الْمَزْرَعَةِ فَلَّاحُوهَا)، و ( لِلْعَامِلِ أَجْرُهُ) و (على الْحِصَانِ سَرْجُهُ) وغيرُ ذلك

٢- إذا كان الخبر شبة جملة والمبتدأ نكرة غير مُضافة ولا موصوفة :

 بشرط ألا تسبق الجملة بنفي أو استفهام، عُد الى والمبتدأ نكرة غير مضافة ولا موصوفة العربية لا يكون وأنَّه لا بد أن يكون معرفة نظير الْقَاعَةِ)، وهكذا. هذا المثال ما ورد في نصّ المطالعة القول الكريم ((فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ))، فالمبتدأ (مَرَضٌ جَاءَ نكرةً لا مضافةً ولا موصوفة، والخبرُ شبه جملة من الجار والمجرور (فِي قُلُوبِهِمْ) فتقدم وجوبًا، ومثل ذلك الأمثلة الآتية: (عَلَى الشَّجَرَةِ طَائِرٌ) ولِلْنَاحِحِ هَديَّةٌ) وَ(لِلْجَنَّةِ دَرَجَاتٌ وغيرها، وشبه الجملة يشمل أيضا الظرف هو للجار والمجرور، ومن ذلك: ( عِنْدِي سَيَّارَةٌ)، و(لدَيَّ كِتَابٌ) و (فَوْقَ الْمِنصَدَةِ قَلَمٌ).

فائدة

لو كانت النكرة مضافة أو موصوفة لكان الحكم جواز تقديم الخبر أو النص تجد عبارة: (فِيهِ شَرٌّ) الخبرُ فيها تأخيرِهِ كَقولنا: (عِنْدِي سَيَّارَةٌ حَدِيثَةٌ)، مقدم وهو الجار والمجرورُ (فيه)، فيجوز القولُ: (سَيَّارَةٌ حَدِيثَةٌ عِنْدِي)، و (فَوْقَ الْمِنْصَدَةِ قَلمٌ أَزْرَقُ)، يجوز وهو (شر)، وهنا تقديمُ الخبر يكون القولُ: (قَلَمُ أَزْرَقُ فَوْقَ الْمِنْصَدَةِ)، وفي الاضافة: (فِي الْقَاعَةِ طَالِبُ نكرة كما مر بك في المراحل السابقة عِلْمٍ)، فيجوزُ القُولُ: (طَالِبُ عِلْمٍ فِي القاعة)   وهكذا .

٣- إذا كان الخبرُ من الألفاظ التي لها الصدارة في الكلام 

كـ(أسماء الاستفهام)، أي تأتي في أول الجملة، فيتقدَّمُ الخبر وجوبًا، عُدْ إلى النص تجد العبارة: (مَا الأَملُ؟)، وقد مرَّ بك أنَّ (ما) من أدوات الاستفهام يُستفهم بها عن (غير العاقل) كما هي في المثال المذكور انفًا، فاسمُ الاستفهام هنا (ما) جاء خبرًا مقدمًا في محلّ رفع؛ لأنَّه من الألفاظ التي لها الصدارة في الكلام، ومثل ذلك قولنا: (مَا الْبَلَاغَةُ؟)، و(مَتَى الامْتِحَانُ؟)، و(كَيْفَ الْحَالَ؟)، أو كَيْفَ حَالْكَ؟)، و (أيْنَ كِتَابُكَ)، ومثالُ ما ورد في نص المطالعة أيضا (كَيْفَ التَّفَاعِلُ مَعَ الْآخَرِيْنَ؟ ، فكلُّ اسماء الاستفهام في هذه الأمثلة هي أخبار مقدمة وجوبًا على المبتدأ.

٤- أن يكون المبتدأ محصورا

 كقوله تعالى: ((إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمُ رَاكِعُونَ)) (المائدة: (٥٥) وكقولنا: (إِنَّمَا الْخَطِيْبُ عَلِيٌّ)، و(مَا الشَّاعِرُ إِلَّا الْمُتَنَبِيُّ)، فهنا المقصود حصر المبتدأ وقصر الخبر عليه، فالغرض من التقديم تخصيصه به دونَ سواه، ولذا وَجَبَ تقديم الأخبار. فوليكم) و(الخطيب) و (الشاعرُ ) أخبار مقدمةً وجوبًا على المبتدأتِ التي هي  لفظ الجلالة (الله) ! و (علي) و(المتنبي).

فائدة
أدوات القصر والحصر هي (إنَّما) وحرفُ النَّفي، و(إلَّا) أداة الحصر أو الاستثناء الملغاة، أو الاستفهام المراد به النفي كما نقول: هَلْ شَاعِرٌ إِلَّا الْمُتَنَبِيُّ، أي: مَا شَاعِرٌ إِلَّا الْمُتَنَبِيُّ.

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-