أخر الاخبار

اسلوب التقديم والتأخير : تقديم المفعول به على فعله

اسلوب التقديم والتأخير : تقديم المفعول به على فعله

عزيزي الطالب تعرفت من قبل الى المفعول به، وعرفت أنَّهُ الذي يقعُ عليه فعلُ الفاعل، وقد رأيته في جمل كثيرة في المراحل الدراسية السابقة التي مررت بها، وكنت قد عرفت أنَّ المفعول به يأتي بعد الفعل والفاعل فهو ثالث، وقد يأتي ثانيًا بعد الفعل ومتقدمًا على الفاعل، كما لو قلنا: أكل تُفَّاحَةً مُحَمَّدٌ، وَغَلَبَ خَالِدًا مُحَمَّدٌ، وهو تقديم جائز، ولكن في صورة أخرى يأتي المفعول به متقدمًا وجوبًا على الفعل والفاعل في الحالات الآتية:

١- إذا كان واقعا بعدَ (أمَّا) الشرطية، أو الشرطية التفصيلية مباشرةً وفعله واقع في جوابها، 

عد الى نص المطالعة تجدِ الجملة: (أما أصْدِقَاءَ السُّوءِ فَتَجَنَّبْ) فكلمة (أصدقاء) تقدَّمتْ عناية بها واهتمامًا، وقد سَبَقَها (أمَّا) وجاءَ المفعولُ (أصدقاء) بعدها مباشرةً من دون فاصل، وقد اقترنَ الفعلُ بالفاء التي هي الفاء الرابطة لجواب الشرط، فأصدقاء) مفعول به مقدم وجوبًا منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة، ومثله قوله تعالى: ((فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ (۹) وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ (۱۰))) (الضحى) فاليتيم والسائل) مفعولانِ مُقدَّمان وجوبًا على فعليهما.

٢- إذا كان فعلُ المفعول فعل أمرٍ مقترنا بالفاء، 

يُقدَّمُ وجوبًا، فلو عدتَ الى نصَّ المطالعة لوجدت الجملة: (الأَمَلَ فَابْتَغِ، والتَّشَاوْمَ فَتَجَنَّبْ)، فيها (الأمل) مفعولٌ به مقدم على فعله (فابتغ)، والتقديمُ لغرض الاهتمام والعناية بالمفعول والتوكيد، وقد اقترن فعل الأمر بالفاء الرابطة الواقعة في جواب (أمَّا) الشرطية المحذوفة جوازا، ومثله كلمة (التشاؤم) في العبارة الاخرى، وكذلك قوله تعالى: ((بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدُ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ)) (الرعد: (٦٦) ، فتقديم لفظ الجلالة (الله) لغرض الاختصاص، أي: أعبد الله دون غيره. 
فلفظ الجلالة (الله) مفعول به مقدمٌ وجوبًا على فعلِهِ فعل الأمر المقترن بالفاء.


٣- إذا كان المفعول به من الألفاظ التي لها الصدارة في الكلام، نحو  اسماء الاستفهام وأسماء الشرط، 

عُد الى النص تجد العبارة مَا نَفْعَلُ مِنْ أَجْلِ أَنْ يَبْقَى الْأَمَلُ حَيًّا لَا يَمُوْتُ؟ فَقَوْلُهُ: مَا نَفْعَلُ؟ تَقَدَّمتْ (ما) الاستفهامية الدالة على غير العاقل على الفعل وهو غير مستوف لمفعوله فكانَ اسمُ الاستفهام مفعولا به له مقدمًا وجوبًا ولا يمكن تأخيرة والغرض من التقديم العموم، ومن ذلك قوله تعالى: ((وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ)) (الشعراء: ٦٩-٧٠) فقوله: ما تعبدون اسمُ الاستفهام (ما) في محلّ نصب مفعول بِهِ مقدم وجوبًا على فعلِهِ، لأنَّه من الألفاظ التي لها الصدارة ولا يجوز تأخيره. ومثال اسم الشرطِ قوله تعالى: (ما) نَفْسَخُ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)) (البقرة : ١٠٦) فـ(ما) اسم شرط مبني في محلّ نصب مفعول به مقدم وجوبًا للفعل (ننسخ).

فائدة

 أسماء الاستفهام أسماء الاستفهام ك(مَنْ، وَمَنْ ذا، وما، وماذا، وأي، وكم)، وأسماء الشرط (مَنْ، وما، وأيّما أيّاما ومهما تُعربُ مفعولا به مقدمًا إذا تلاها فعل متعدٍ لم يستوف مفعوله.

٤- إذا كان المفعولُ به ضمير نصب منفصلا لو تأخَّرَ َلوَجَبَ اتصاله بفعلِهِ،

كالذي وَرَدَ في النص: (إِيَّاكَ أُحبُّ يَا صَدِيقِي وَإِيَّاكَ أَحْتَرِمُ)، فلو أَخَّرَ المتكلِّمُ الضمير (إِيَّاكَ) بعد الفعلِ لَوَجَبَ اتصاله بفعلِهِ، فقالَ: أُحِبُّكَ، وأحترمُكَ. فـ(إِيَّاكَ) ضمير نصب منفصل مبني في محلّ نصب مفعول به مقدم وجوبًا. ومثل ذلك قوله تعالى: ((إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)) (الفاتحة: ٤-٥) . فإيَّاك) ضمير منفصل مبني في محل نصب مفعول به مقدمٌ وجوبًا، ولو تأخَّرَ الضميرُ لوَجَبَ اتصالُهُ في الفعل: نعبدك ونستعينك، والتقديم هنا يُفيدُ الاختصاص، أي نخصك بالعبادة والاستعانة.
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-