موضوع أسلوب التَّحذير والإغراء للصف السادس الاعدادي

موضوع أسلوب التَّحذير والإغراء

درست - عزيزي الطالب - أساليب لغويةً مُتعدّدة يلجأ إليها المتكلّمُ لِتحقيق غايات يُريدُها من المخاطب، ومِنْ تِلك الغاياتِ التَّحذيرُ) والإغراء)، وهو موضوعنا في هذا الدَّرسِ، فَلَوْ عُدْتَ إلى نص المطالعة الذي قرأتَهُ لَوَجَدْتَ تعبيراتٍ تتضمَّنُ الغايتينِ المذكورتين في هذا الدَّرْس ، وهما التَّحذيرُ ، مثلُ إيَّاكُم إِيَّاكُم مِنَ الظُّلِمِ)، والإغراء، مثل: (الأخلاق الأخلاق فَإِنَّهَا الطَّرِيقُ إلى اللهِ).

فالناظر في مثالِ التَّحذير يجدُ أنَّه تضمَّن أمرًا مكروها، حاول المتكلِّمُ به تحذير المخاطب وإبعاده منه؛ لذا فالتَّحذيرُ هو (تنبيه المخاطب على أمرٍ مكروه لِيَجْتَنِبَهُ ويبتعد منه، والأصل في هذا الأسلوب أن يشتمل على ثلاثة أركان مجتمعة .

أوَّلُها: (المُحذِّرُ)، وهو المتكلَّمُ الذي يُوجِّهُ التَّحذيرَ لِغَيرِهِ.
ثانيها: (المُحذِّرُ) ، وهو المخاطب الذي يَتَّجِهُ إليهِ التَّحذيرُ. ثالثها: المُحذَّرُ مِنْهُ)، وهو الأمر المكروه الذي يصدر بسببهِ التَّحذيرُ، وهواسم منصوبٌ ؛ لأنَّه مفعول به لفعل محذوف جوازا أو وجوبًا.


ولكنَّ هذا الأصل قَدْ يُعْدَلُ عنه أحيانًا كثيرةً، فيقتصرُ أُسلوبُ التَّحذير على بعض تلك الأركان الثلاثة. 

يأتي هذا الأسلوب بأنواع أربعة، هي:

١- أن يقتصر على الرُّكْنِ الثَّالث

 وهو المُحذِّرُ منه، اسمًا ظاهرا، بلا تكرار ولا عطف، كقولنا: (السيارة)، و(النَّارَ) و(الألغام). وحكمُ هذا النُّوعِ نَصْبُهُ بفعل محذوف جوازا، أي يصح حذف الفعل، أو ذكره، والتَّقْدِيرُ احْذَرِ السَّيارة)، و(احْذَرِ النَّارَ)، و(احْذَرِ الأَلغام.

۲- أن يقتصر على الرُّكنِ الثَّالِث

وهو المُحذَرُ منه)، اسمًا ظَاهِرًا، إِمَّا مُكرَّرًا، وَإِمَّا معطوفًا عليه، كقولنا: (البَرْدَ البَرْدَ)، والبَرْدَ والمَطَرَ). وحكمُ هذا النوع وجوب نصبه بفعل محذوف وجوبًا، أي) لا يجوز إظهاره)، والتَّقديرُ احْذَرِ البرد البرد)، و(احْذَرِ البرد والمطر). ويُعْرَبُ الاسمُ الثَّاني توكيدًا لفظيًّا في حالةِ التَّكرار، اسما مسبوقا جملة على جملة.


٣- أن يشتمل على اسم ظاهر مختوم بكافِ خطاب للمُحذَّر

 ويأتي المحذِّرُ منه بعده معطوفا بالواو، كقولنا: يدك والأجسام الغريبة و رأْسَكَ و ، وحرارة الشمس و (مواعيدك والخُلْفَ). وحكمُ هذا النوع وجوب نصب الاسم الظاهر والمعطوف، بفعل محذوف وجوبًا قبل الاسم الظاهرِ وقَبْل المعطوفِ بِما يُناسِبُ السّياق، والتَّقْدِيرُ في الأمثلة المتقدمة: (صُنْ يدَكَ وأبْعِدِ الأجسام الغريبة)، و(احْفَظْ رَأْسَكَ وَاحْذَرْ حرارة الشمس)، وتذكَّرُ) مواعيدَكَ وَتَجَنَّبِ الخُلْفَ). وبذلك يتكوَّنُ أُسلوب التَّحذير في هذا النوع مِنْ جملتين، تشتمل الأولى منهما على الشيء الذي يُخافُ عليه، وتشتمل الثَّانية على (المُحذَّر منه)، فيكون العطف عطف


٤- أنْ يكونَ الرُّكنُ الثَّاني (المُحذَّرُ) ضميرًا منصوبًا

وهو (إيَّا) المختوم بعلامة الخطاب (إيَّاكَ، إِيَّاكِ إِيَّاكُما إِيَّاكُم إِيَّاكُنَّ)، وبعدَهُ المُحذِّرُ منه) بالواو، أو غير مسبوق بها ، أو مجرورًا بـ (مِنْ)، كقولنا: (إِيَّاكَ والمُتفجِّرات)، و (إِيَّاكَ المُتفجِّرات)، و(إيّاكَ مِنَ المُتفجِّرات). ومنه قولُ النَّبِيِّ مُحمَّدٍ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «إِيَّاكُم والظَّنَّ، فإنَّ الظَّنَّ أكذبُ الحديث»، وقول الإمام علي (عليه السَّلَامُ): «إِيَّاكَ والْإِعْجَابَ بِنَفْسِكَ، والثَّقَة بِمَا يُعْجِبُكَ مِنْهَا وَحُبَّ الإطراء» ومعطوفا على ما قبله في حالةِ العَطْفِ.
وقول أبي العتاهية :
إِيَّاكَ مِنْ كَذِبِ الكذوب وَإِفْكِهِ 
                            فَلَرُبَّمَا مَزَجَ الْيَقِينِ بِشَكْهِ
وقول الشاعر:
إِيَّاكَ إِيَّاكَ أَعْرَاضَ الرِّجَالِ وَإِنْ 
                      رَاقَتْ بِفِيْكَ فَإِنَّ السُّمَّ فِي الدَّسمِ

وحكم هذا النوع وجوبُ نصب الضَّميرِ (إِيَّاكَ) بفعل محذوف وجوبًا، تقديره ( أحَذِّر ) ، وكذلك (المُحَذَّرُ منه الاسمُ الذي بعده إذا لم يُسْبَقُ بالواو، فهو منصوبٌ بالفعل المحذوفِ نفسه، ويكونُ الضَّمِيرُ (إِيَّاكَ) مفعولا أوَّل، والاسم بعده مفعولا ثانيًا. أَمَّا إذا سبق بالواو فإنَّه يكونُ منصوبًا بفعل محذوف وجوبًا، التَّقديرُ في قولنا: (إِيَّاكَ والكَذِبَ) هو (إِيَّاكَ أُحذِّرُ وأُقبِّحُ الكَذِبَ)، فتكونُ الجملة بعد الواو معطوفة على الجملةجميع قَبْلَها، وإذا سُبِق هذا الاسم بحرف الجر فهو اسم مجرور. 

وفي الحالات المتقدمة يجوز تكرارُ الضَّمير (إِيَّاكَ) وعدم تكراره، وعِنْدَ التَّكرارِ يُعْرَبُ الضَّمِيرُ الثَّاني توكيدًا لفظيًّا للأَوَّلِ.

وقَدْ يأتي (المُحَذِّرُ منه ما بعدَ الضَّميرِ مصدرًا مُؤوّلًا مِنْ أَنْ وَالفعل المضارع،
كقولنا: (إِيَّاكُمْ أنْ تَنْهَرُوا السَّائل)، ومثلُهُ قولُ الشَّرِيفِ الرَّضِي: إِيَّاكَ أَنْ تَسْخُو بِوَعْ 
          دٍ لَيْسَ عَزْمُكَ أَن تَفِي بِهِ
به لفعل محذوف جوازًا أو وجوبًا، ويُقالُ فيهِ مَا قِيْلَ فِي (المُحذَّرِ منه). والمُغْرَى بِهِ صورٌ ،ثلاثٌ يتوقَّفُ عليها حكمُ حذفِ فعله، هي:
١ - المفرد: وهو أن يكون مجردًا مِنَ التَّكرارِ والعَطْفِ، كقولنا: (الاعتدال، فإنَّه أمانٌ مِنْ سُوءِ العَاقِبَةِ)، فالمُغْرَى بِهِ (الاعتدال) مفعول بِهِ لفعل محذوف جوازا، أي يجوز إظهارُهُ؛ لأنَّه مُفْرَد، تقديره (الْزَمْ) لذلك يجوز أنْ نُظْهِرَ الفعل، فنقول: (الْزَمِ الاعتدال).

٢ - المُكرَّرُ : كقولنا: (الأمانة الأمانة، فإنَّها من أسباب مرضاة الله)، ومثلُهُ قولُ مِسْكِين ويُعْرَبُ المصدر المؤول بإعراب الاسم الظاهر غير المسبوق بالواو. أَمَّا النَّاظُرُ فى مثالِ الإغراء فيجدُ أنَّه تضمَّن أمرًا محبوبًا، حاول المتكلّمُ بِه ترغيب المخاطب فيه وتشجيعه عليهِ؛ لذا فالإغراء هو (تنبيه المخاطب على أمر محبوب (ليَفْعَلَهُ ويُقْبِلَ عَلَيْهِ)، كقولنا: (الصِّدقَ الصَّدقَ، فَإِنَّه نجاةٌ). ويتألَّفُ أُسلوب الإغراء مِنْ ثلاثة أركان، هي (المُغْرِي)، وهو المتكلِّمُ، والمُغْرَى)، وهو المخاطَبُ والمُغْرَى (به)، وهو الأمرُ المحبوبُ ويُعْرَبُ المُغْرَى بِهِ) مفعولاً أخاكَ أَخَاكَ إِنَّ مَنْ لا أَخًا لَهُ كَسَاعِ إِلَى الهَيْجَا بِغَيْرِ سِلاح وفي هذه الحالة يكونُ المُغْرَى بِهِ (الأمانة) و (أخَاكَ) مفعولا بِهِ لفعل محذوف وجوبًا ، أَي يجب حذفه؛ لأنَّه مُكَرَّرٌ)، تقديرُهُ (الْزَم)، ويُعْرَبُ ما بَعْدَهُ توكيدًا لفظيًّا.

٣ - المعطوف عَلَيْهِ: كقولنا: (الاجتهاد والمثابرة في تنجح، وفي هذه الحال يكونُ المُغْرَى بِهِ (الاجتهادَ) مفعولا به لفعل محذوف وجوبًا، أي يجب حذفه؛ لأنَّه معطوف عليه)، تقديرُهُ الْزَم)، ويُعْرَبُ مَا بَعْدَه معطوفًا.

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-