آداب عامة

آداب عامة

ديننا الإسلامي العظيم قائم على الأخلاق العظيمة، والآداب الكريمة ويعدّ اتصاف المسلم بهما من أولويات التعاليم الإسلامية، ومن صميم رسالة الإسلام السمحة، فالخُلق هو قوام الدين وعنوانه وثمرته.
ولو تتبعنا العبادات الإسلامية، التي أمرنا الله بها، وأوصلها إلينا نبينا الأكرم لوجدنا أن هذه العبادات تلتقي عند مطلب الأخلاق وغايتها، فقد حدد الرسول (صلى الله عليه وسلم) مهمة رسالته السامية في الحديث الشريف فقال (صلى الله عليه وسلم) : (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق وعيّن كمال الإيمان وكأنه معلّق بحسن الأدب وتمامه فقال (ص) : (أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقا).

وكان عليه وعلى آله الصلاة والسلام، وسيبقى مثل المسلمين الأعلى في ذلك، ويكفيه فخراً أن من بعثه بالحقِّ وصفه بقوله تعالى: ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) القلم ؛ لذلك وجب على الإنسان المسلم أن يكون الصورة الماثلة للخلق القويم الذي يُظهِرُ شيم الانسان وطبائعه وسجاياه الحسنة.
ويمكننا أن نلمس بسهولة صلاح المسلم، وطيبته، ونقاء سائر حواسه الأخرى؛ لأن أخلاقه الإسلامية التي هي مجموعة أقواله وأفعاله الحسنة يجب أن تكون قائمة على أصول وقواعد، وفضائل وآداب مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالعقيدة الإسلامية والشريعة اللتين أمر بهما الخالق - سبحانه - ورسوله الكريم، لذلك لاتعد الأخلاق في الإسلام جزءاً من الدين فقط، بل هي جوهره وروحه .

والآداب التي شرعها الله - سبحانه - وأمرنا بها رسوله (ص) الكريم، آداب شاملة وعامة، فمنها آداب في معاملة الناس وأداب في المحافظة على المرافق العامة، وفي الطعام وفي الشراب وفي كل شيء.

 وتعدّ هذه الآداب الإسلامية، التي شملت نواحي الحياة جميعاً أنموذجاً حضارياً رائعاً للإسلام ديننا القويم، الذي شرعه الله تعالى ليرتقي بالحياة الإنسانية إلى أعلى مراتب الكمال الخلقي والنفسي والاجتماعي.

ومن هذه الآداب العامة:

1. آداب معاملة الناس :

 ويسمى هذا النوع من الآداب التي يجب أن يتحلى بها المسلم (آداب العشرة). وقد قرن الله تعالى الأمر بعبادته وتوحيده بالإحسان الى الناس، سواء ما ارتبط بالوالدين أو بالأصحاب أو بغيرهم. وهذه الآداب ترتقي بالحياة الإنسانية إلى أعلى مراتب الكمال الخلقي والنفسي والاجتماعي، مشتملة على الولاء والإخاء والمحبة والاحترام والتعاون على البر والتقوى، تحت نور الإسلام وهداه. قال تعالى: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلوةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَوةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أَوْلَبِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ( التوبة ويشمل هذا رعاية الآداب في العلاقات الاجتماعية، ولهذا النوع مفردات كثيرة، منها الأدب مع الوالدين والأرحام والأدب. العلماء والأساتذة والمربين، وكذلك الأدب مع الجيران وسائر أفراد المجتمع. 

2. آداب المحافظة على المرافق العامة :

وتعني المرافق العامة كلُّ ما له علاقة بحياة الناس على مختلف أنواعها ودرجاتها فمنها (الماء) الذي به حياة كل شيء، إذ قال تعالى: { وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيَّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ }
فعلينا أن نحافظ عليه ولا نسرف فيه حتى لانحرم من حبّ الله تعالى القائل: { يابَنِي ءَادَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا شَرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ }
ومنها الكهرباء وهي في غاية الأهمية لكل الناس اذ ينتفع بها كل صغير وكبير، فواجب علينا شرعاً المحافظة عليها بلا إتلاف ولا إسراف ولا تجاوز على حقوق الآخرين. وهناك مرافق عامة كثيرة، كالوزارات والمستشفيات والجامعات والمدارس والحدائق العامة والساحات والأرصفة وكلَّ المؤسسات التي أنشئت لخدمة الناس، فعلينا أن نحافظ عليها، وأن نعاملها بالرفق والحرص مثلما نعامل أشياءنا الخاصة.

قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (إنّ الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله)


3. آداب الطعام والشرب:

 الطعام نعمة من الله - عزّ وجلّ - وقد نبه الخالق - سبحانه - الإنسان عليه في كثير من الآيات القرآنية الكريمة ، فَلْيَنظُرِ الْإِنسَنُ إِلَى طَعَامِهِ أَنَّا صَبَنَا الْمَاءَ صَبَّا  ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا فَأَنْتَنَا فِيهَا حَبًّا وَعِنَبا وَقَضَبَا وَزَيْتُونَا ونخلا وَحَدَائق غُلَبَا وَفَكِهَةً وَأَبَا  مَشَعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُم } فذلك، علينا أن نشكر الله كثيراً ونحمده على نعمه التي أمرنا أن نستفيد منها ونستمتع قوله تعالى { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إن كنتم إِيَاهُ تَعْبُدُونَ}

وللطعام آداب كثيرة نذكر منها

  1. غسل اليدين قبل الطعام.
  2. التسمية في أول الطعام.
  3. الأكل من الطعام الحلال الطيب والحذر من الطعام الحرام كالمسروق والمشبوه والمأخوذ حياء.
  4. الأكل من الطعام الجيد والنظيف، والحذر من تناول الطعام الملوث أو المكشوف، أو تناول الفواكه والخضار إلا بعد غسلها بشكل جيد.
  5. الأكل باليد اليمنى، ومما يلي من الطعام من دون مدّ اليد إلى ماكان في جوار الآخرين أو إلى وسط الصحن.
  6. تصغير اللقمة، وإجادة المضغ، وعدم تناول لقمة أخرى قبل الفراغ من تناول اللقمة السابقة وابتلاعها. 
  7. تجنّب ذمّ شيء من الأطعمة، وعدم جواز الاستهتار بالنعمة والتبطّر مهما قلت. 
  8. تجنّب الإكثار من الطعام والإسراف في تناوله حدّ التخمة؛ لأنّ البطنة تُذهب الفطنة وتُورث الأمراض، قال رسول الله (ص): (ما ملأ ابن آدم وعاءً شراً من بطنه، حسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه).
  9. مراعاة الذوق العام عند الدعوة الى المآدب في المناسبات العامة، وتقديم الشكر للمضيف عند الإنتهاء من الطعام والدعاء له بالخير.
  10. تجنّب التفاخر في أنواع الأطعمة، والتباهي في أطيابها؛ لأن في ذلك كسراً لقلب الفقير.
  11. تجنب الإبتداء بالطعام وفي المجلس من هو أكبر سناً أو أفضل علماً أو قدراً.
  12. الحمد الله وشكره والثناء عليه في نهاية الطعام. 

أما آداب الشرب: 

فالشراب مثل الطعام، بل هو أكثر منه ضرورة، وأشد خطراً، إِذْ يصبر المرء على الجوع ولكنه لا يصبر على الظما، قَالَ تَعَالَى: {أَفَرَءَ يْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ أَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ }
والمؤمن يأكل ويشرب من رزق الله وفي كلّ ذلك يشعر أنه على مائدة الله، محتاج إلى وعاجز عن أداء شكره، وذاكر لجوده وكرمه على الدوام فهو سبحانه القائل:{ الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ وَالَّذِى هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ وَإِذَا مَرِضْتُ يَشْفِينِ وَالَّذِى يُميتني ثمَّ يُحْيِين وَالَّذِي أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئتي يوْمَ الدِّينِ }

 وهذه بعض آداب الشراب الشعراء

  1. التسمية في أوله والحمد في آخره.
  2. يستحب الشرب في حالة القعود فهو أفضل صحياً، وأكمل أدباً.
  3. تناول الكأس باليد اليمنى والشرب بها.
  4. تجنّب النفخ في الإناء أو التنفس فيه.
  5. تجنّب الإسراف في شرب الماء وخاصة في أثناء الطعام.
  6. تجنب الشرب في أواني الذهب والفضة.
  7. يكون ساقي القوم آخرهم شرباً.
والذي ذكرناه هو جزء يسير من الآداب التي على المسلم أن يتصف بها ويتمسك الى جانب الآداب الأخرى مثل آداب الكلام، آداب الطريق، آداب التعلّم، آداب السلام، آداب الاستئذان، آداب المجلس، آداب البيع والشراء.


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-