النثر وفنونه
درست فيما سبق من وحدات من الكتاب الشعر ، وهو النوع الأول من نوعي الأدب ، وستدرس بدءا من هذه الوحدة ( النّثر ) ، وهو النوع الثاني ، ويسمى بالنثر الفني وهو يختلف عن النثر الاعتيادي ( غير الفني ) الذي يستعمله الناس كل يوم في كلامهم أو في المقالات الصحفية التي تعتمد الأخبار بانواعها المختلفة ، أوفي الكتب المدرسية أو العلمية أو غيرها مما لا يتطلب أسلوبا مؤثرا . ويضم النثر الفني فنونا متنوعة مثل القصة والرواية والمقالة والخطابة والسيرة وغيرها .
ويعرف بأنه الكلام الفني الجميل الذي ينتقي فيه الكاتب الألفاظ الجيدة والواضحة والأسلوب المؤثر لتقديم فكرته أو موضوعه .
انواع النثر
والنثر- بنوعيه الفني وغير الفني- خلافا للشعر ليس له أوزان أو قواف ، وقد تعرفت في دراستك السابقة إلى أنواع متعددة منه ، مثل الرسائل والوصايا والأمثال والخطابة والمقامة ، وهي من الفنون الأثرية التي عرفها العرب قديما ، فضلاً عن القصة والرواية والمسرحية والمقالة وهي من فنون النثر الحديثة التي دخلت إلى الأدب العربي عبر الترجمة .
بعض انواعه
بعض أنواع النثر الفني انحسرت عن الساحة الأدبية اليوم كالمقامة والوصايا والأمثال ، وكذلك الخطابة التي باتت مقتصرة على جوانب حياتية محددة كالخطب الدينية والخطابة لون من ألوان الفنون النثرية المهمة التي عرفها العرب منذ القدم ، كما عرفتها الأمم الأخرى ؛ لما لها من أهمية في التأثير في الجماهير لشحذ هممهم ، أو تشجيعهم على خوض غمار المعارك بغية رد الأعداء المتربصين ، والدفاع عن النفس والوطن ، ولا تكون الخطابة إلا : بحضور الجمهور .
شروطه
ويشترط أن تتوافر في الخطيب مزايا عدة ، منها سلامة مخارج الأصوات ووضوحها ، والصوت الجهوري القوي ، فضلاً عن الثقافة والمعرفة التي ينبغي للخطيب أن يمتلكها عن الموضوع الذي يتحدث عنه . وعلى الرغم من كل هذه الشروط ، تبقى الخطابة موهبة فطرية تولد مع الخطيب وتنميها المواقف والبيئة .
وقد تطور هذا الفن بعد مجيء الإسلام ؛ لأهميته في نشر الدعوة الإسلامية ، وبيان ة الأحكام الدينية والاجتماعية ، وازدادت أهميته في العصور التالية ؛ إذ أخذ أتباع الدول الجديدة بالدعوة لها عبر الخطب أما في العصر الحديث فقد نهض هذا الفن بنهوض الأمة في أواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين ، ولاسيما بعد قيام الثورات ضد المحتلين ، فبرز عدد من الخطباء الذين كان لهم تأثير في الساحة العربية ، مثل أحمد عرابي وسعد زغلول في مصر ، وفي العراق فهمي المدرس الذي درست خطبته في الصف الثالث المتوسط والشيخ محمد الحسين كاشف الغطاء الذي جمعت خطبه عن القضية الفلسطينية في کتاب بعنوان ( قضية فلسطين الكبرى في خطب الإمام الراحل محمد الحسين كاشف . الغطاء ) ، ولا ننسى أنّ ثورة العشرين في العراق أفرزت عددا كبيرا من الخطباء الذين كانوا يقودون الجماهير لمقاومة المحتل البريطاني .
غير أن هذا الفن بدأ بالانحسار في نهايات القرن العشرين ومطلع القرن الحادي والعشرين حتى كاد يقتصر على الخطب الدينية كخطبة الجمعة والجماعة وخطب صلاة العيدين . وإذا كانت الخطابة مثل كثير من الفنون الأثرية التي أخذت بالانحسار في الأوساط الأدبية ، فإن ثمة فنونًا أخرى أخذت بالانتشار في الأوساط الأدبية كالسيرة بنوعيها الذاتية والموضوعية .